سؤال لم يطرح نفسه

كام عمرك ؟
هل تحسب عمرك بالسنوات التي عشتها ؟
ام تحسبه بعدد الضحكات التي ضحكتها؟
أم تحسبه بعدد الدمعات التي ذرفتها ؟
ام تحسبه بعدد ما قرأت و شاهدت على وجوه البشر ؟
أم بعدد ما حزنت ، حلمت ، فرحت ، بكيت ، جرحت و تألمت؟
إن كل هذه الوسائل لن ترصد سوى تجربة إنسانية ، ربما تكون خاصة جدا ، لكنها بالتأكيد ستكون حصيلة تجارب كل البشر ، لأننا في نهاية الأمر مجرد بشر
نحب ، نكره ، نغضب ، نعشق ، نفرح ، نحزن ، نتألم ، نسعد ، نعيش ، نموت ، نعمل ، ننسى ، نتذكر ، و مع الذكرى تمر سنوات العمر دون أن ندري إلى أين تقودنا الرحلة و إلى أين ينتهي بنا المطاف ؟
أتمسك مع كثيرين مثلي بحقيقتين ؛ الحياة ، الموت ، ثم أؤمن مع كثيرين مثلي بالبعث والعقاب و الجزاء
و مابين كل هذه المراحل تعيش أنت كما اعيش انا ، ونعيش نحن مفردات واسعة من طرق الحياة ، ونتشارك أحيانا في مفهوم واحد أو عدة مفاهيم تجعل منا ما يسمى مجتمعات أو أسر أو حتى بلدان ، و ثقافات و تراثيات
لكن يظل بداخلنا عمرا يمضي صامتا دون حساب ، عمرا خفيا لاتستطيع السنوات أن تحسبه ولا المشاعر ولا الأحاسيس
إنه ذلك العمر الذي لم تقضيه ،في شيئ حلمت به مرارا وتكرارا و آمنت به لدرجة انه أصبح بداخلك كالحقيقة تكاد ترى النور ، ثم تدرك من الواقع أنه لن يرى النور ، لا محالة ،، فتتركه يرحل في صمت ، ثم تعود إليه وقت أن تشعر أن ما بداخلك يمضي ، بل يفلت دون ان تستطيع أن تمسك بتلابيبه ، و فجأة تجد نفسك تتشبث بتلك الحقيقة التي ماتت قبل أن تولد ، و بذلك الحلم الذي اخذ منك أعمارا لا تحسب ،و تجد نفسك تبكي أمام ذكراه كطفل صغير تركه أبواه وسط طريق موعر مظلم مخيف !
فلا تخف !
لأنك لست وحيدا ، بل نحن مثلك أيضا!
بل نحن ذلك الإنسان إبن البشر
جميعنا يسقط من حساباته تلك الأعمار
أعمار الحلم النائم دون أن يستيقظ
نراه
ندركه
نمسكه
لكن ندعه يرحل ثانية في سلام ، لأنه يكفينا فقط أن نستعيد معه ذكرى و جوده من جديد
فالذكرى تحيي القلوب
و بدلا من أن نسمع سؤالا عن أعمارنا
دعنا نسأل أنفسنا ذلك السؤال الذي لم يطرحه أحد
إلى أين تمضي بنا الأعمار؟

تعليقات

المشاركات الشائعة