رسالة إلى أمي !

 أتعبني عد السنون منذ رحلتي عني ، و لم يهون مرها سوى حلاوة مذاق ذكرياتي معك .. أمي !
أناجيكي كل يوم و كل ليلة ، فهل تسمعين مناجاتي لك؟!
قد تفصلنا بوابة الحياة و الموت لكن أشعر برغم ذلك أننا نقف سويا خلف أعتابها نهمس همسنا الدافيء ، نضحك و نبكي ، و نتشارك أحلام صغيرة تحققت و أحلام أخرى ضلت طريقها الباقي .. و مع عبيرك الذى يلازمني أمي .. أستمد صبرا من الله الواحد الشافي .
هذه رسالتي لك ، أكتبها اليوم ، فاقرأيها فى هدوء من خلف ستار العوالم التى لا يدركها سوى الله عز وجل 
رسالتي فأقرأيها أن أراد الله ذلك أو سمح لنا يوما بالتلاقي.
كنت إبنتك الصديقة .. لعلني كنت القريبة جدا ، لم أدرك مكانتي لديكي إلا عندما رحلتي ، و لم أدر إن كنتي تدركين مكانتك عندي ؟
غير أن الله  رزقني بنعمة الأمومة .. و فيها أجد نسخة مني ، بل صورة مصغرة تماما !
أنها حالمة مثلي ، حنونة ، و غاضبة ، مزعجة و قوية ، وضعيفة جدا بل تكاد تكون هشة ، و بها بشاشة و حزن فى أن معا !
إبنتي .. التى أصبحت ترد لي كل ما فعلته معك ، فهل يحق لى أن أفرح ؟ أم أن اخاف ؟
 أفرح بأن ذكرياتي معك ستستمر حية فى كل موقف يجمعنا أنا و إبنتي 
و أخاف أن يكون نصيبي من الفرحة هو الدنيا فقط !
لقد جعلتني أشعر ، لماذا لم يزعجك صراخي حين أنهاكي عن الحزن ، أو عن إهمال ذاتك 
أهكذا كنتي تشعرين يا أمي ؟ أكنتي تستمدين مني قوة الأستمرار ؟أخبريني ؟
ثم يأتي ذلك الوقت عليها ، عندما اجدني غير قادرة على فعل أي شيء لها .. فأصاب بالعجز .. ثم أتذكرك .. أهكذا كنتي تشعرين ؟
مرارة قلة الحيلة و الضعف و الوهن عندما تجدين أحب الناس إلى قلبك ينتظر منك دعما فلا تستطيعين تقديمه ؟
من قال أن الأمهات خلقن بقوة الجلد ! و قدرة الإحتمال ؟!
من قال أن الضعف ليس من شيمهن ؟
و من حرم عليهن أسدال الدمع ؟!
هل كانت أحلامك فى أن تعطيني مفاتيح السعادة ؟
أو تمنحيني إبتسامة الرضا و طمأنينة السكينة ؟
إن كان ذلك .. فامنحيني قوتك التى أفتقدها ، فأنا لست قوية مثلك يا أمي ..
لست قوية بالمرة !!
لكني أود ان أمتلك هذه القوة الأن ، و أن أمنحها لتلك الأبنة التى تنظر ألى بعينيها الآملتين فى أن أكون لها الملاذ و المأوى .
هي تبكي عندما أبكي ، و تفرح عندما افرح ، و أن أخفيت شعورا بداخلي ، لمسها دون إفصاح 
هكذا كنت لك و هكذا كنتي لي ؟ 
فذكريني يا أمي ، ذكريني ، كيف كنتي تمنحيني دعما و إقتدار ؟
فأنا أود أن أعطيها لتلك الطفلة مرارا و تكرارا ، حتى تعيش الحياة ، ثم تولد الأحلام و الأمال ، و تحقق النبوءات .
فماذا عسايا أفعل يا أمي ؟
أني أحاول .. غير أن شيئا ما بداخلي بات مكسورا ، فأخشى أن ترى كسره تلك العينان !
أود لها أن ترى فقط ملامحي الهادئة ، المطمئنة ، أود أن أدعها ترانى واحة و راحة بال.
فماذا عسايا أن أفعل يا أمي ؟!
إن وصلتك رسالتي .. فقد لا تجيبي عليها .. لكن ذلك الباب الموصد بيننا .. ربما لديه جواب !
إن وصلتك رسالتي .. فأعلمي أني أفتقدك .. و أعلمي أنك مهما تواريتي بالثرى فأنتي إلى أقرب للبال .
و إن وصلتك رسالتي فسلاما على روحك .. دوما .. و إليكي ألف قبلة و مليون دعوة و حب محال أن يمحوه دهر أو تغير حال .

المشاركات الشائعة