حواء فى قلب آدم

فى حياة كل رجل ستة نساء !
 المرأة التى ربته
 و المرأة التى أنجبها
 و المرأة التى أحبها
و المرأة التى تزوجها
المرأة  التى تمثل له الأخت .. و المرأة الصديقة

 أسعد الرجال من ولد ليجد كل هؤلاء النسوة فى حياته، و أتعس الرجال من ولد بلا وجود حقيقى للمرأة فى حياته
مهما كان فى طبع الرجال من حنق على عقولهن الصغيرة أحيانا ، أو زلاتهن الكثيرة احيانا أخرى .. مهما بلغ به المطاف من الغضب و مهما أثارت جنونه .. ستظل هى الكائن الذى يسعى لإرضائه .. يفرح بكلمات إعجابها .. او دلالات حبها وودها ، فتكتمل سعادته

 يظل الرجل يلعن و يسب .. يندب و يفكر كيف سيكون حاله أفضل فى البعد .. فى الغربة .. فى الجفاء .. لكن قلبه يدق الحقيقة وحدها و يضخ فى جوانيه  ألم الإشتياق
 هذا هو الرجل .. و هذه هى حواء له
إنها بالنسبة له المرآة التى يرى فيها شواربه الكثيفة أو ذقنه البارز .. هى المقياس لحرارته أو برودته فى التعامل مع الأخرين ، و ميزان حياته ما بين الضيق و الفرج .. ما بين الإنفتاح على كل مآسى الحياة .. أو العزوف عن ملذاتها .. حقا ما أقوى الرجل !! و ما أضعف النساء!!

 آدم الضخم .. الكبير .. القوى .. الحكيم .. الرزين .. مجرد طفل !
يحلم بهدهدة فى المهد بصوت حان عند النوم .. و أغنية تزقزق فى إذنيه عند الصباح
بيدين تطعمان .. و تربتان ..و تحنوان .. و تقسوان
 ببسمة حين الضيق
 و ضحكة عند الفرح و الفرج
 إنها العقل إذا ما أنهكت الدنيا بهمومها عقله
و المأوى عندما تشتد أنياب  الحياة على جلده
هى .. الحلم الذى لم يكتمل
 والرؤيا التى تنظر التحقق و الثبوت
 المرأة بالنسبة للرجل .. إمتحان الحياة و الموت معا

 الأم ..من يحاكى الأم فى مكانتها عند الرجل ؟!
 بل من يتجرأ فى أن يذكرها مجرد ذكرى .. او يصفها .. او حتى يملح لمكانتها ؟؟!!
الأم هى المانحة الحقيقية للحياة لكل الرجال .. و هى أيضا الحب الأقوى الدائم بلا منازع .. إنها معنى الرجولة بالنسبة له  و معنى القيم .. و معنى الحياة .. و معنى الوجود .
 و هى إمتحان كل سيدة فى حياته و كل حب حقيقى .. الزوجة الذكية هى من تحترم  الأم كمعنى و مكانة فى حياة زوجها .. هى من تذكى حبه لها بدلا من أن تضع نفسها فى مقارنة غير متكافئة الجوانب و الأركان بينها و بين رمز الوجود لدى زوجها ..
 الأم هى سبب حب كل الرجال لكل النساء .. لولاها لما تحمل رجل إمرأة !!
و الأمومة صورة تكتمل بها كيان المرأة .. الزوجة .. و الحبيبة .. حينها فقط تصبح الزوجة .. ذات مكانة خاصة بلا منازع
 حينها تصبح لألامها معنى .. و لتعبها و سهرها مغزى .. يلتمس لها كل العذر عند تعبها .. و تتجسد فيها صورة مصغرة لأم سهرت .. أعطت .. و منحت ..
الأخت .. أول حب بلا مطامع .. أو مصالح .. مجرد عطاء .. تدريب عملى واقعى لآدم فى أن يتحمل مسؤلية بلا مقابل .. و أن يدرك أن إبتسامة رضا من شفتى إخته قد تعنى الدنيا و ما فيها بالنسبة له .. تدريب على منح السعادة بلا مقابل لحواء
 إنها جزء مشترك من حب الأم .. يمتد منه و يستلهم بقاءه و قوته .. و لم لا ؟
 ألم تتشارك معه الإهتمام .. الشغف .. التربية .. و الحب ..
و هى أيضا أول صديقة .. تسمع .. فتفهم .. و تجاوب .. تمنح الثقة و تأخذها فى نفس الوقت

الحبيبة .. سر غامض فى حياة الرجل .. قد يظل يبحث عن إجابته طول حياته فلا يجد إجابة وافية أو تفسيرا واقعيا .. هل سيحب الرجل صورة الأم فى المرأة ؟؟
 أم صورة الأخت ؟؟
 أم أنه يتمرد على كل هذه الصور و يخطى حواجزها من اجل أن يحظى بحب مختلف ؟؟
 نعم !!
هكذا يفكر معظم الرجال .. بل كل الرجال .. يبحثون عن إجابة ؟؟ ما هى مواصفات فتاة أحلامى ؟.. و لكنه  يطرح تساؤلا أخرفى حقيقة الأمر : هل ساختار من تماثل نموذجى الأم و الأخت فى حياتى ؟ أم سأتمرد على كل هذا و أختار من يماثلنى أنا ؟؟
أغلب الرجال لا يدركون سؤالهم الحقيقى  ، فتأتى إجاباتهم خاطئة .. أو فلنقل إنه القدر .. ثم لنصمت صمتا طويلا بعد ذلك .

هل كل من يقع فى الحب .. يتزوج من يحب ؟؟
 قد تكون الإجابة لا.. و قد تكون نعم !!
لكن مهما إختلفت الإجابتين فى الدلالات و المعنى .. ستظل هناك إجابة واحدة لا تتغير ..فحواها ان قرار الزواج جاء بإرادة الرجل الحرة .. إرادة آدم .. و القرار كان قراره هو .. قرار آدم .. لتحسم كل الأمور و كل الجدل عند هذه النقطة .
و مع هذا القرار ..  تمضى الحياة .. قد يكون هناك صراع بين الماضى  والحاضر .. إلا أنه ليس صراعا حقيقيا ..
 تحرر يا آدم من صراعاتك الوهمية ..لأنك الرجل
لا و لن و لم توجد إمرأة فى حياة أى رجل إلا و كان مقدرا لها فترة من الزمن .. تأتى فيه ثم تمضى .. مرحلة ترسم لوحاتها و ملامحها و تختار ألوانها .. ثم تجف اللوحة و تعرض فى صالة العرض " الحياة".
 وفى الحياة .. من يملك إختيار البيع ؟ و من يملك إختيار الإمتلاك ؟
لا أحد .. لا أحد من البشر يعلم هذا إلا الله عز و جل .

قد يجد الرجل نسخته فى الحياة على هيئة إمرأة .. لكن الغلبة و الإنتصار لن تكون لهذا النموذج .. بل للنموذج الذى طبعت تفاصيله أعواما و سنوات فى حرفين .. أم .. و إمتد بعد ذلك لثلاثة أحرف .. أخت
 هذا هو ما سيبحث عنه كل الرجال .. او فلنقل معظم الرجال .. و هى المعادلة المتوازنة الأطراف .. لن ينتج عنها مركب شاذ أو جديد أو حتى تحدث طفرة فى عالم الروحانيات .. بل على العكس .. قد تكون هى المعنى الحقيقى للإستقرار .. و لكن هل يرضى آدم ؟؟
 هل سيكتفى ؟؟
 ام هل ستطارده أفكار و تساؤلات فى عالم الإحتمالات الوهمية .. تستعمل جميعها مفردات واحدة متماثلة يمكن إختصارها فى سؤال واحد .. ماذا لو ؟
 هنا .. قد تظهر الصديقة فى حياة الرجال .. كيان فى صورة إمرأة .. لكن دورها لن يزيد عن إطار الصوت الناعم ذو الإيقاع الحاد أحيانا و الناعم أحيانا أخرى ..
هى فقط من يمكن ان يلجأ إليها آدم عندما تغلق الزوجات قلوبهن و عقولهن فلا تتفهم حاجة الرجل إلى صداقة .. عقل يزيح غيرة المرأة ووساوسها جانبها .. و يتفهم فقط .. ذلك الطفل .. الذى تذكر دمية فى صباه .. فأشتاق إليها .. لكنه يدرك انها مجرد دمية و ان زمن اللعب قد ولى و فات .
و الصديقة .. قد تتحول إلى حبيبة .. لكنها حتما لن تكون بمكانة أكثر من هذا الإطار.. و إن زاد الإطار عن حده ..فأعلم يا آدم أنها نزوة قد تزول بزوال المؤثر .. المرأة ..
 ما أطرف حكايات آدم و حواء .. متشعبة و متداخلة و متناثرة و غاضبة و حنونة و تمتلئ بالذكرى .. لكنها مجرد حكايات يرويها شخصان مجردان من أى أسماء إلا .. حواء .. آدم

لكن ماذا عن حب بتر الزمن أقدامه و أذرعه فلم تمتد
؟؟؟
إن لهذا السؤال مرادف آخر هو : هل حياة آدم تحتاج فعليا إلى ستة نساء؟

فى الواقع ..لا و لن و لم يحتاج آدم إلا لأمرأة واحدة فى حياته
إنها الأم .. و الأم صورة تمتد فى كل نساء الدنيا .. فى الأخت عندما تمثل دور الأم الصغيرة .. وفى الحبيبة عندما تمنح بلا مقابل .. و الصديقة عندما تدعم و تساند و تتفهم .. بل قد تمتد فى الزوجة عندما تعطى الأسرة ... إنه ذكاء المرأة .. ان تكون كل النساء لهذا الآدم.
 لا يحتاج آدم إلى كل نساء العالم .. بل يحتاج إلى إمرأة واحدة فقط تكون بمثابة العالم بالنسبة له.
هذه هى حواء.. عندما تسكن قلب آدم.





تعليقات

المشاركات الشائعة