الأمير و الضفدعة

الأمير و الضفدعة 
 روناء المصرى 

تبدو الساعات مملة و رتيبة خاصة مع بدء الإستعداد للدراسة ، ففى غضون أيام قليلة سيكون لزاما على الجميع الإلتزام بمواعيد صارمة للنوم و الإستيقاظ و لن يكون هناك هذا الشعور بجزء من الحرية فى كسر روتين الحياة اليومى ..
و هاأنذا أعود لأطمئن على ان صغارى قد نجحوا بالفعل فى ضبط إيقاع ساعتهم الحيوية من اجل النوم فى موعد ثابت ..لكن ما هذا ؟
"حلا" تبدو انها مستيقظة حتى الساعة العاشرة ؟!!
ترى ماذا تفعل ؟؟
قررت ان أدنو من باب حجرتها حيث إنبعثت منه أنوار خافتة ، و بجوار الباب وقفت أراقب ما يحدث فى تلصص !! ربما لم يجدر بى فعل ذلك !! لكن يبدو ان هذه المرة ستكون إستثناءا فى كل الأمور .. موعد النوم ..والتلصص :)!
 سمعت صوتها الرقيق يتحدث فيما يشبه طريقتى فى إستحضار" حواديت" ما قبل النوم و أدوار الشخصيات التى تؤديها إبنتى تختلف بإختلاف صوتها و أدائها .. ههه حسناً إنها جيدة جدا .. فى الواقع أذهلتنى !!
و لكن ما هذه الحكاية العجيبة .. ؟؟
 تحكى "حلا".. إلى دميتها المفضلة "سما" القصة التالية ::
 كان يا ما كان و لا يحلى الكلام إلا بذكر النبى عليه الصلاة و السلام .. ياللا يا سما نقول إيه ؟ .. برافوو .. عليه الصلاة والسلام 
بقى يا ستى يا بنوتى إنتى .. كان فيه أمير جميل ووسيم لونه أبيض و شعره إسود و عينيه زرق ..و كان عنده كورة فضية ، أصل الأولاد ما ينفعش يبقى عندهم كورة دهب .. حرام .. المهم قعد يلعب بيها عند البوحيرة " تقصد البحيرة" و فجأة .. و قعت منه .. الأولاد ما بتعيطش .. يعنى بيبقى نفسهم يعيطوا لكن بيمسكوا نفسهم جامد قوى .. و فجأة .. طلعت له ضفدعة .. شكلها وحش .. و سمينة و صوتها وحش خالص جدا قوى ..
 قالت له يا أمير .. لو عاوز تعيط معلهش ما يجراش حاجة الأولاد ممكن يعيطوا عادى صدقنى .. قالها الامير / إمشى يا ضفدعة يا وحشة !!
 قالت له / لا مش هامشى .. أقولك أنا عاوزة نبقى أصحاب .. و اجيب لك الكورة الفضية ، مع إنى مش باعرف أغطس فى المية ..
تسأل "حلا" دميتها / نمتى يا "سما" ؟ لسه  ؟ و أنا كمان مش جايلى نوم !! طيب 
 أكملك بقى الحدوتة .. الضفدعة نزلت فى المية و طلعت تجيب الكورة للأمير الجميل .. أخد الأمير الكورة و مشى .. إستنى يا " سما " إنتى عرفتى إن الأمير وعدها يكونوا أصحاب؟؟ آه الأمير وعدها يكونوا أصحاب لما هى قالت له أنا عاوزة أكون صاحبتك .. بس الضفدعة فضلت تنط .. تنط .. أصل الضفادع مش بتجرى يا " سما " ماما قالت كده .. لحد ما وصلت على باب القصر .. و قعدت تزعق ... الملك سمعها .. قال لها عاوزة إيه يا ضفدعة ؟ قالت له  إبنك الأمير الجميل مش راضى يبقى صاحبى وهو وعدنى أبقى صاحبته لما ارجع له الكورة بتاعته ..
 الملك أمر إبنه إنه يحقق وعده و يعمل بكلمته .. و الضفدعة قعدت تاكل معاه .. الأمير قرفان .. لكن هى مبسوطة .. هو مش راضى ياكل و هى بتاكل أكلها و أكله كله .. و لما جيه الليل .. قلت له أنام جنبك .. الأمير مرضيش .. حدفها ناحية الحيطة .. راحت فجأة الضفدعة إتحولت لأميرة جميلة .. و الأمير قالها إيه ده؟؟ 
 قالت له : أنا أميرة مسحورة ؟ ممكن تتجوزنى ؟؟
 الأمير قالها : موافق !!
 إتجوزوا واعاشوا فى تبات و نبات ..و خلفوا صبيان و بنات ..

انهت " حلا " قصتها ..العجيبة .. و قامت تحاول أن تضع دميتها فى السرير كما أفعل معها .. و لكن " حلا" لم تنم !! فشعرت أنه قد حان الوقت كى أتدخل فى الأمر .. و قررت أن أفتح الباب و أظهر فى الأحداث !!
 أنا : إيه ده " حبيبتى " حلا " لسه ما نامتش !! أمال إيه الحدوتة الجميلة اللى سمعتها قبل شوية .. سما نامت و إنتى لسه ، بقى ده إسمه كلام ؟!!
 " حلا" : إنتى سمعتينى ؟ أصل لسه النوم ماجاش عندى .. سما بس نامت و سابتنى .. انا لسه صاحية ..
 أنا : الحدوتة جميلة ما فيهاش كلام .. بس متهيألى الأمير كان أميرة .. و الضفدعة كانت ولد من بنت و اللا رأيك إيه ؟؟
 " حلا " فى عصبية شديدة / ما هو ده الكلام الغلط اللى مش مخلينى أعرف أنام ..شاغل بالى قوى يا ماما !!
أنا  ، أحاول جاهدة أن أمنع ضحكاتى: كلام غلط .. بالراحة بس و فهمينى لحسن واضح إن الموضوع جد جدا يا " حلا" .. إحنا أصحاب  قوليلى يا حبيبتى ..
 " حلا" بدأت فى الهدوء : ما هو كل الحواديت لازم البنت هى اللى تحب واحد شكله وحش و تقبل بيه .. و هى لازم تكون حلوة و جميلة و إلا محدش يحبها خالص من الأولاد .. يعنى يا ماما صاحبتى " لجين " مش هتتجوزخالص علشان شكلها وحش .. لازم الحواديت تتغير بقى و الأولاد يعرفوا إن  البنات ممكن يكونوا وحشين لكن طيبين و يحبوهم لأنهم كويسين من قلبهم !!
 عقدت الدهشة فمى ..و أعجزى لسانى .. ماهذا المنطق الناضج فى سن السادسة من العمر ؟!! و لا أخفى عليكم أنى شعرت بفرحة خفية .. يبدو أنى إستطعت أن أقدم شيئا لهذه الصغيرة فيما يعرف بمبادئ التنشئة  الحديثة .. صار لها شخصية .. رؤية .. و موقف .. بل لديها ما هو أكثر من هذا .. لديها منطق .. ستبدأ فى إستخدامه للتفرقة بين الصواب و الخطأ .. و طار قلبى فرحا ... ثم قررت أن أعود إلى الأرض من جديد .. فقد كانت عينا " حلا" تلاحقانى بإستنكار .. تتساءل لم هذا الصمت .. و ما هذاالتعبير السخيف الذى أرسمه على وجهى ؟ لم هذه الأبتسامة ؟ و لم أنا لا أفعل شيئا ؟ أو أحدد موقفى من منطقها ؟
 ادركت أنه على التدخل فورا :: 
 انا : ياه يا " حلا " إنتى كبرتى و بقيتى شطورة كبيرة .. صح يا بنوتة .. الأولاد لازم يحبوا البنات علشان شخصيتهم يعنى لما تكون البنت طيبة أكيد الأولاد هيحبوها .. و أنا شايفة أنك فكرتى فى صاحبتك و فى كل البنات اللى زيها .. عندك حق يا بنوتة برافوو 
 إيه رأيك بقى ننام دلوقتى و بكرة .. تقعدى تكتبى حدوتة جديدة من عقلك .. فكرى فيها .. هتعملى الأولاد يتعاملوا إزاى مع البنات ؟ و ما تنسيش .. البنات كمان لا زم تتعلم تتعامل كويس مع الأولاد صح ؟
 هزت " حلا " رأسها إيجابا و قد أعجبتها فكرة تأليف الحواديت 
 بينما رحت أهدهدها بأغنية المهد الصغيرة .. و أنظر إليها .. لم تعد فتاتى تلك الطفلة ببكائها و صراخها .. صارت مشروع إمرأة و يبدو أن على أن أتعامل مع الوضع الجديد بحذر !!
 أقنعتنى كلماتها الواضحة .. من يبحث من الرجال عن جمال المظهر .. يفوته جمال الجوهر .. جملة ما كانت تخطر ببال البالغين .. لكن وجدان طفلة برئية إختصرتها فى قصة تحولت من " الأميرة و الضفدع " إلى .. " الأمير و الضفدعة ".
 تمت 

تعليقات

المشاركات الشائعة