واحد .. واحد .. واحد ..

تنبيه هام  : أحداث هذه القصة و شخصياتها و تفسيراتها كلها من محض الخيال البحت للكاتبة ، و أى تشابه أو إمتزاج قد يبدو بين الخيال و الواقع  من باب الحبكة الدرامية للاحداث و جذب القارىء للمتابعة فقط لا غير ولا يمت بأى حال من الأحوال للواقع بصلة، لذا وجب التنويه ، و شكرا..
 المؤلف / روناء المصرى 

 الحلقة الأولى / أول الحكاية
اليوم 23- يناير - 2011 
الساعة 21:30 توقيت القاهرة
فصل الشتاء -  المكان / غرفة العمليات بإدارة أمن الدولة

تبدو شوراع القاهرة الكبرى نظيفة تماما بعدما غسلتها امطار الشتاء الخفيفة ، تحمل الأمطار شعورا دافئا رغم برد الشتاء بأن هموما ما على وشك أن تغتسل و تنزاح ، لكن هذا الشعور لم يراود العميد" سعيد" بعد المكالمة التى تلقاها منذ دقائق فقط ، و بدا له أن شوارع القاهرة الكبرى كما تبدو من حجرة مكتبه بجهاز امن الدولة ، إنما هى تعكس فقط نصف الحقيقة أو ربما ثلثها فقط ، فقد نما إلى عمله إعتزام الشعب التظاهر فى ميادين مختلفة بعد يومين فقط من هذه المكالمة الهاتفية العجيبة ، لقد كانت المكالمة تحمل أوامر جديدة لم يعتدها ضابطوا الأمن القومى فى أحوال تعاملهم مع مثل تلك الأنواع من التجمهر السكانى خاصة و أن تاريخ التظاهرات سيتوافق مع عيد الشرطة القومى !
و مضت عقارب الساعة فى بطء 
 كان العميد" سعيد" قد دعا إلى إجتماع طارئ بمكتبه خلال الخمسة عشر دقيقة الماضية ، و كان يعمل فى داخله على لم شتات أفكاره و تنظيم قراراته التى ينتظرها الفريق المكلف بتأمين و التعامل مع تلك التظاهرات كما جرت العادة فى مثل هذه الأحوال ، و ها هو الوقت قد حان ، و دق الباب ،  وبدأت الفرقة المنوطة بإدارة التأمين فى الدخول تباعا إلى حجرة العميد حيث الإجتماع المقرر ، و بدا الحديث عاديا و عابرا ، نفس المعلومات ، أعداد المتظاهرين التقريبية ، موعد التظاهرات ، مسيرتها ، و أسباب القيام بها ، و تم مراجعة الخطة مرات و مرات فى التعامل مع تلك التظاهرات حتى الإنتهاء منها .
 إنتهى الإجتماع الذى لم يستغرق سوى نصف ساعة فقط ، لكن الحديث فى رأس العميد " سعيد" لم ينته بعد. و حان وقت الذهاب إلى المنزل ، كالعادة إستقل الضباط سياراتهم من " الجراج" و إنطلق كل منهم إلى وجهته الخاصة . و لم تمض سوى دقائق معدودة حتى كان الجراج خاويا ، عدا سيارتين فقط بدتا و كأن بهما حديثا دائرا بالضوء ، ثلاث ومضات متتالية ، ثم ظلام دامس ، أعقبه ومضتين من السيارة الأخرى ، ثم ظلام دامس مرة أخرى ، إنظلقت على إثره السيارة الأولى فى سرعة جنونية إلى حيث أضواء الشارع تخفت تدريجيا وسط ضباب الشتاء و بقايا المطر .
******* 
 فى اليوم التالى كان كل شيء عاديا تماما ، و كأن السماء لم تفيض بالماء بتاتا ، و بدت الشمس مشرقة تماما و كأن الربيع لم يمضى إلى غير عودة مطلقا ، وفى دار الحرس الجمهورى كانت هناك حركة نشطة غير عادية فى مثل هذا الوقت من الصباح الباكر ، و لكنها فى المطعم حيث إجتمع خمسة أفراد من الضباط  رفيعى المستوى مع ضابطين من أمن الدولة من رفيعى المستوى أيضا و كان الإفطار حول وثيقة سربت ، رسم بها خريطة لشمال إفريقيا ،و الجزيرة العربية ،  و الشام، و بدا فوقها مجموعة من النقاط الحمراء  و أخرى بلون أخضر و مجموعة نقاط أخرى بلون أصفر ، وفى الأعلى بدا تاريخا واضحا مدونا به مجموعة  من الأعوام  تبدأ من 2005 و تنتهى ب 2016م ، دون فوقها عبارة " حدود الدم" ، و إنكب الجميع عليها بالدراسة و الإنشغال دونما مقاطعة من أحد من المضيفين داخل المطعم ، فقد كانت الوجبة دسمة جدا لا تحتمل المزيد من المقبلات أو حتى العصائر و المشروبات، و ما لبث أن إنقضت ساعتان حتى إنفض الجمع و قد ذهب كل واحد منهم فى وجهته دون ان ينبس للآخرين ببنت شفة !
 فى الجراج ، تكرر نفس المشهد السابق لليلة الأمس ، فقد رحلت جميع السيارات ، عدا سيارتين بقيتا لتبادل الأشارات الضوئية فى صمت ، ثم ما لبث أن غادرت السيارة الأولى مسرعة تماما كما حدث فى الليلة السابقة أيضا. و لكن ما إن همت السيارة الثانية فى الرحيل ، حتى بادرراكبها  عند مروره بالبوابة الكبيرة للنادى بإنزال نافذة السيارة للأمن لدى البوابة و تبادل سائقها مع ضابط الأمن نظرات ذات مغزى، بدا وجهه بوضوح، لقد كان العميد" سعيد" من أمن الدولة ، ومضى فى طريقه ليختفى فى الزحام.
********
 بعد ثلاثة أعوام 
التاريخ 21 يونيو 2013 - المكان الولايات المتحدة الأمريكية 
 إدوارد سنودن يتلقى حكما قضائيا رسميا بتهم التجسس و  سرقة ممتلكات حكومية ونقل معلومات تتعلق بالأمن الوطنى الأمريكى دون إذن ، والنقل المتعمد لمعلومات مخابرات سرية لشخص غير مسموح له بالإطلاع عليها على الإطلاق.
عناوين الأخبار و الصحف و التلفزيونات العالمية تغطى باهمية بالغة تطورات الجاسوس الشاب " سنودن" ما بين آراء تدعم ما قام به من تسريب للمعلومات ، و بين آراء تطالب بتوقيع أقصى العقوبة عليه ، و أمريكا تدلى بتصريحات مستمرة حول طلبها عدم منح سنودن حق اللجوء السياسى بالدول ، ثم مناظرة فريدة بين أمريكا و روسيا ، و بينما كان المطبخ السياسى يشتعل ، بدأت هناك حركة خفية و لكنها منظمة بشكل ما تحدث فى القاهرة من جديد .
 ومن خلف الكواليس دار بين إثنين هذا الحوار/
 الأول / سنودن ، يعنى أن أمريكا قررت اللعب على المكشوف !
 الثانى/ طبعا ، كارت ذكى جدا ، إسم جديد بيتلعب بيه لعبة كبيرة لكن تفتكر إمتى أمريكا تكتشف إننا عارفين تحركاتها بخطوات ؟!
 الأول/ يا ريت كان عندى نفس الثقة ديه ، ما هو ممكن "سنودن " يكون مجرد ورقة لعب جديدة الظاهر إن الخطة ب هى اللى هتتنفذ!
 الثانى/ تفتكر؟! حقيقى مش بعيد إن أمريكا تكون وراء سنودن نفسه ، وهى كمان اللى دربته يقول و يتحرك كل ده فى التوقيت ده بالذات !
 الأول/ ده أكيد ! سنودن مش ممكن كان هيقدر يهرب من أمريكا و يخرج منها لو كانت التهم الموجهة إليه حقيقية ، إنما هو دمية جديدة لها دور معين فى توقيت معين، ديه تمثيلية و لازم نعرف المقصود منها إيه ؟
الثانى/ أغلب الظن إن روسيا دورها جاى فى المعادلة ؟!
 الأول / ممكن ! 
الثانى/ طيب لازم نتأكد من كل حاجة ، ما ينفعش نسيب حاجة للظروف !
 الأول / لحد دلوقتى إحنا قدرنا نرصد الخطة أ و الخطة ب ، لكن لسه الخطة ج و د منعرفهمش لحد دلوقتى.
 الثانى/ التعليمات اللى عندى بتقول إن ساعة الصفر قربت ، خليك جاهز.
الأول / على بركة الله.
 ومضت الأشباح فى الظلام.....
 { يتبع}

تعليقات

المشاركات الشائعة