أزمة السلامة المرورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
أزمة السلامة المرورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المشاة وراكبو الدراجات يواجهون مخاطر متصاعدة بينما تطالب الأمم المتحدة بالإصلاح العاجل
طرق مميتة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتطلب تحولاً جذرياً
كتبت روناء المصري – بمساعدة من الذكاء الإصطناعي لتحليل البيانات وتجميع المعلومات من مصادر منظمة الصحة العالمية و تقاريرها العلمية الصادرة في هذا الشأن.
يسلط "الأسبوع العالمي الثامن للسلامة المرورية للأمم المتحدة" ،والذي تبدأ فعالياته يوم 12 من مايو 2025 و يستمر ل18 مايو 2025؛ الضوء على واقع مروع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) والتي تعاني من أعلى معدلات الوفيات المرورية في العالم، حيث يمثل المشاة وراكبو الدراجات والدراجات النارية أكثر من 50% من الوفيات في بعض البلدان.
وكشف التقرير العالمي عن حالة السلامة المرورية 2023 أن المنطقة لديها ثاني أعلى معدل وفيات مرورية عالمياً، بواقع 20.9 حالة وفاة لكل 100,000 نسمة- أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 15.6!.
ورغم خطة الأمم المتحدة لعقد العمل من أجل السلامة المرورية 2021-2030، لا يزال التقدم بطيئاً، حيث يحذر الخبراء من أنه بدون خفض حدود السرعة وتحسين البنية التحتية وتشديد الرقابة، ستخفق المنطقة في تحقيق هدفها المتمثل في خفض الوفيات إلى النصف بحلول 2030.
لماذا تعد طرق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خطيرة للغاية؟
يحدد "الإطار الاستراتيجي للعمل في شرق المتوسط" مكمن الإخفاقات الحرجة:
- أولاً: "السرعة الزائدة هي القاتل الأول": أكثر من 60% من الحوادث في المنطقة تتضمن سرعة مفرطة، لكن فقط "السعودية والإمارات وقطر" لديها قوانين متكاملة للحد من السرعة.
- ثانيا: ضعف الرقابة: لا يمتلك سوى 35% من دول المنطقة قوانين صارمة ضد القيادة تحت تأثير الكحول، بينما يقل معدل ارتداء الخوذات لراكبي الدراجات النارية عن 40%.
- ثالثاً: تصميم مدن يركز على السيارات: أقل من15% من الطرق الحضرية في المنطقة تحتوي على معابر آمنة للمشاة، مما يدفعهم إلى مخاطرة مميتة. مما يجعل أزمة السلامة المرورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنعكاسا لفشل في السياسات، يقول الدكتور عدنان حيدر، خبير الصحة العالمية في جامعة جورج واشنطن:"نرى دول الخليج ذات الدخل المرتفع تحرز تقدماً بفضل تشديد القوانين، لكن الدول الأقل دخلاً تفتقر إلى التمويل والإرادة السياسية،و بدون تغييرات جذرية، ستستمر الوفيات في الارتفاع."
مزيج قاتل من البنية التحتية السيئة والإهمال
يسلط الكتيب الإرشادي لسلامة المشاة، وتقرير سلامة راكبي الدراجات الضوء على النواحي المثيرة للقلق؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر:مصر والعراق وليبيا، لديها معدلات وفيات تتجاوز25 شخصاً لكل 100,000 نسمة، وهي بذلك تعد من بين الأسوأ عالمياً. أما في المغرب فالأطفال هناك في خطر شديد إذ تبلغ نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة عشر 23% من إجمالي نسب وفيات الطرق و هي نسبة مرتفعة للغاية.
و تقدرالخسارة الاقتصادية وفق تقديرات البنك الدولي، بنسبة تتراوح ما بين 3-5% من إجمال الناتج المحلي سنويا جراء حوادث الطرق فقط!
تقول رنا الحسيني:" أن مدن مثل القاهرة وبغداد مصممة للسيارات، وليس للناس!، و تكمل مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الشراكة العالمية للسلامة المرورية:"نحتاج إلى تخطيط حضري يركز على المشاة- بالمزيد من الأرصفة ومسارات الدراجات المحمية وإجراءات تهدئة المرور- وإلا سيستمر تعرض المستخدمين للدراجات الأكثر ضعفاً و الأكثر عرضة للخطر."
ما الذي نجح وما الذي نفتقده؟
تشمل التدخلات الناجحة في المنطقة: مناطق تحديد السرعة بـ 30 كم/س في الإمارات؛ و التي من شأنها تخفيض معدلات وفيات المشاة بنسبة 35% في أبوظبي خلال ثلاث سنوات فقط.
قانون الخوذات في تونس؛ حيث تسبب التشديد في الرقابة بوجوب إرتداء الخوذات في رفع معدل ارتداء الخوذات من 12% إلى 68% منذ 2020، و في إيران كان لكاميرات المرور دورا هاما، إذ خفضت الرقابة الآلية للسرعة الوفيات بنسبة 22% في المدن الكبرى. على الجانب الأخر فإن التحديات الباقية تتلخص في:نقص التمويل؛ حيث لا تخصص سوى 5% من ميزانيات النقل في المنطقة لسلامة المشاة وراكبي الدراجات. بالإضافة إلى فجوة البيانات؛ حيث أن العديد من دول الإقليم تقدم تقارير غير كاملة عن الوفيات، مما يحجب حجم الأزمة الحقيقي.
و في تصريح سابق للمدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية السابق قال فيه:" إن المنطقة بحاجة إلى ثورة بيانات فالأرقام الدقيقة تقود السياسات،وعلى الدول الاستثمار في أنظمة الإبلاغ عن الحوادث لإنقاذ الأرواح." بينما أكدت الدكتورة حنان البلخي، المدير الإقليمي الحالي لمكتب منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن المنطقة تواجه كارثة إنسانية يمكن تجنبها في مجال السلامة المرورية، ففي كل ساعة، يفقد 7 أشخاص أرواحهم على طرقنا، ومعظمهم من المشاة والأطفال وكبار السن". وأضافت البلخي: "لدينا خارطة طريق واضحة عبر خطة عقد العمل 2021-2030، لكن التنفيذ يتعثر، لذلك السنوات السبع القادمة هي فرصتنا الأخيرة، لإنقاذ مئات الآلاف من الأرواح".و أوضحت أن هذا الأمر ليس خياراً، بل واجب أخلاقي وإنساني. ومع بقاء سبع سنوات فقط في عقد العمل للأمم المتحدة، تواجه المنطقة خياراً مصيرياً: بإعتماد حدود سرعة 30 كم/ س في المناطق الحضرية و تخصيص حارات مرورية معدة خصيصا للسلامة المرورية لراكبي الدراجات و أخرى للمشاة، و تحويل الدعم من النفط و الغاز إلى دعم البنية التحتية الآمنة للمشاة و راكبي الدراجات، و الأستفادة من التجارب الإيجابية بمنطقة شمال إفريقيا و شرق المتوسط نحو تخفيض معدلات الوفيات الناجمة من جراء حوادث الطرق لهذه الفئات.
يُظهر الرسم البياني المعنون "عدد بلدان الإقليم التي لديها تدخلات لتحسين
سلامة المشاة وراكبي الدراجات الهوائية
الدول التي نفذت نقاط عبور آمنة للمشاة و راكبي
الدراجات : مصر، الأردن، المغرب، المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية
المتحدة
الدول التي نفذت
فصل مسارات المشاة وراكبي الدراجات عن حركة السيارات : مصر، الأردن ، المغرب،
المملكة العربية السعودية و الإمارات.
الدول التي نفذت
مسارات مخصصة لركوب الدراجات تغطي 7% من الطرق الحضرية الرئيسية: الأردن،و السعودية و الإمارات
الدول التي نفذت
أستراتيجية وطنية لتعزيز السلامة على الطرق للنقل النشط : السعودية و الإمارات فقط
الدول التي نفذت تطوير البنية التحتية لركوب الدراجات : الإمارات فقط ، و بذلك تصبح الإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي يمكنها أن تصبح نموذجاً يحتذى به في المنطقة.
وفي هذا الصدد تحذر زوليكا مانديلا، سفيرة الأمم المتحدة للسلامة المرورية:"لقد انتهى وقت الحلول الجزئية-على القادة إعطاء الأولوية للناس بدلاً من السيارات."