ذات ليلة




بقلم / روناء المصري

قالوا لي إني صعبة المراس، صعبة الإرضاء ، صعبة المنال
قالوا كذلك إني مغرورة ، وحيدة ، و لا تميل للتجمعات
أفعل الأشياء بطريقتي الخاصة .. و عادة تكون خارجة عن المألوف
أرى من حيث لا يلمح الأخرون !
حتى الظلام ليس دامسا بالنسبة لي ..فظلال النور تتراقص خلاله فى حياء من خدرها .
 و النور المبهر .. لا يعميني ... ففي وسطه أرى بوضوح سواد هالته
قالوا لي إن فلسفتي فى الحياة عجيبة ، وقد لا تجد من يعتنقها ! و لكن ما يعنيني . أليست الفلسفة هي نتاج فكرك أنت ..؟ أليس التفكير و الشك مبدأها ؟
قالو لي إن قلبي يتسع الكثير، فيصفح و يسامح و يحنو .. وماذا فى هذا ؟ إذن ما الأمر؟
عرفوا عني أن الحياة عندي غالية و الموت أغلى .. فما جمعته لي الحياة أقدره ، و ما سلبه مني الموت لا ينمحي
 ولكن !!
لم يخبروني بما لم يعرفوه عني!!
و لم يخبروك !
لم يخبروك أني لا أسامح حقا !!
 فما سامحت فيه بالأمس يظل موجودا فى دفتر ذكرياتي .. و عندما يفتح بإسمك ملف فى الدفتر .. فهناك بندول منتظم لمؤقت يعد لك جرحك لي ، حتى إذا ما إمتلأت صفحتك عن أخرها ، و إنتهى توقيت عمل البندول .. توقفت مسامحتي و أصبح لزاما على أن أخرجك من حياتي ..
 و لم يخبروك عندها .. أن من يخرج من حياتي لا يعود لها أبدا !
 لم يخبروك .. أني مترددة كثيرا .. لا يمكنني أن أتخذ قرارا إنفعاليا ، على قدر حماسة مشاعري  و وفرة إنفعالاتي .. فإن قراراتي لا تواكبها بالمرة ..
لم يخبروك أنه عندما أصل لقرار ، فأني لا أعود ..
لا أنظر للخلف أبدا ، فالحياة جبلت على أن تمضي قدما لا على أن تعود للماضي ..
 أيحزنك هذا الأمر؟ و ما أدراك ما الحزن ؟ إن أحزاني أعظم و أكبر .. أتراني إمرأة يسهل عليها قذف الأخرين خارجا عن دربها ؟
كلا .. و لكن .. أيهما يبقى لدي ؟
من عرف قدري ؟ أم من أخفض من قيمته ؟
حسنا ! يبدو أنه ليس  السؤال الصائب !!
 السؤال الصائب هو .. على من ستبقي أنت؟ أتبقي على من أكرمك ؟ أم على من أهانك ؟ على من عرف قدرك ؟ أم على من أبخسه ؟
هكذا كل البشر .. فلم على أن أكون مختلفة عنهم فى هذا الأمر؟
أوليس هناك من يقرر مثلي فلا يعود بقراره إلى الوراء؟ أو يتراجع عنه ؟
 نعم.. هناك.
أليس هناك من يسامح حتى تمتليء جرته عن أخرها فتفيض كيلها أو تنفجر ؟ بلى هناك .. فلماذا يصعب الأمر على و يسهل على غيري إذن ؟
فلا تلمني .. بل نفسك تلم !
هذه الصفحة هي التى طويتها فى حياتي .. و الأن أفتح صفحة جديدة ...

تيوليب
فى بداية الأمر لم أكن أعرف أنها تعني الحب الحقيقي ، لكني أدركت ذلك عندما بحثت عن ذاتي ، حتى وجدتها أخيرا .. نعم قد يحدث أنك تضيع من نفسك وتصبح آلة تنفيذ ، مهام موكلة فى الصباح ، و مهام أخرى عند الظهيرة ، و مهام فى المساء ، ثم تنام الآلة ، لتستيقظ و تكمل من جديد إنجاز مهامها فى الحياة .
لم أقف لأسأل ما الذى يحرك هذه الآلة مرارا و تكرارا ؟ إنه الوقود و بالنسبة لي الوقود هو الحب الحقيقي .. الحب الذى لا يريد شيئا ، لا يطلب شيئا ، لكنه يمنح فقط ، يغدق و يثري و يفهم و يحتوي ، هذا الحب ولدت به داخلي ، أقصد خلقت به منذ بدء الخليقة ، و لم يعد بإمكاني تغييره أو تبديله ، وكيف لي أن أفعل ؟ فإن فعلت فما ذا الذي يجعل تلك الألة تستمر فى العمل ؟!!
 غير أن الألة تبدلت لإنسان ، عندما وجدت ذاتها فقط ..
سيقولون عني أنانية .. عادت تلك المغرورة من جديد لتعبأ فقط بنفسها !
سأدعهم يقولون ما يريدون ..
فلم يكن حديث من حولي ذات يوم أمرا هاما بالنسبة لي ..!!
 فأنا لم أحب نفسي كما تستحق
لم احنو عليها كما تحتاج
لم أسامحها كما فعلت مع من أساءوا إليها
و لم أهتم بها كما ينبغي أن يكون الإهتمام
و اليوم سأفعل .. وإن نجحت فيما أفعل .. سيكون فى إمكاني أن احب من حولي مجددا أن أمنح مجددا و أن أظل دون تلويث !
أدركت أن تيوليب رغم قصر عمرها .. فهي لم تكف عن أن تزدهر ؟
أدركت أن كل الكائنات الحية قصيرة الأعمار لم تيأس من الحياة على الرغم من أن بعض منها يعيش لساعات فقط
فلم على أن أيأس؟ أو أن أخاف من تجربة الجديد ؟ أو أن أفتح بابا لم أفتحه من قبل ؟
 فى الواقع ليست الأبواب هدفي .. و إنما قلبي المنغلق .. ! ! سأفتحه حتى يحب ذاته أولا ، ثم يحب من حوله فى عالمه المادي .. من بقى لأجله فقط ، و من يستحق أن يبقى !
وحتى يحين ذلك الوقت .. سأغلق قلبي !


تعليقات

المشاركات الشائعة