سلامات باجي - Salamat Pagi الجزء الرابع

 اليوم الثامن الباتيك و مسجد محمد         

 بمعدل ثلاث – إلى أربع أماكن مختلفة للتصويريوميا كنا نقضي جدولنا المعد للرحلة فى إندونيسيا عبر عشرة أيام متواصلة ، بدون حساب ساعات السفر أو التنقل بين الأماكن التى لا يشترط أن تكون إلى جوار بعضها البعض، إلى جانب أنه ينبغي علي تجميع المعلومات حول المكان قبل زيارته حتى يتسنى لنا التركيز على الأماكن التى سنقوم بتصويرها دون إهدار للوقت فى محاولة التعرف على المكان، إضافة إلى كتابة كل ما يحدث أولا بأول حتى لا ننسى شيئا مما صورناه ، و كنت أراقب ما يقوم بتصويره مؤمن، وهو يحاول أن يسابق الزمن حتى نلحق ببقية الزملاء ، على الرغم من أن عملنا يستغرق المزيد من الوقت، و بهذا المعدل كانت رحلة إندونيسيا أشبه بالمغامرة المتجددة دوما،  فكل دقيقة هناك  دوما الجديد و المثير و الغريب و علينا الإستكشاف و البحث و التدوين .. و لم يجعلها ممتعة سوى صحبتنا من مصطفى و مريم وأروم و إروان و حسين و إدوارد.. جميعهم كانوا لطفاء جدا.


 أتذكر أن مصطفى وقف فى إحدى حدائق الحيوان التى زرناها  تحت المطر و هو يخاطب الجمهور و يقول لهم بإلإنجليزية : انا مصري، صحفي مصري و هذه أول زيارة لي إندونيسيا ، و أقول لكم أن المصريين يحبون إندونيسا و يحبون الشعب الإندونيسي، و أنا كمصري سعيد جدا بهذه الأمطار و هذا الجو و ببرومو ، و بهذه الحديقة ." و كان تجاوب الشعب الإندونيسي معه كبير جدا ، و قاموا بالتصوير معه و كانه احد نجوم السينما ، كما نجح فى جذب الفتيات نحوه خاصة و انه وسيم و عينيه خضراواتان ههههههه ، مازال شابا، و كنت عندها أقف مع أروم ، و مريم و نحن نضحك و نقول لأنفسنا:" لا نعرف من يكون هذا الشخص مطلقا!! لسنا معه !!! هههههههههه. هذا المشهد الحي المرح كان واحدا من أسباب السعادة الصغيرة التى حدثتكم عنها رغم مشاق العمل المتواصل تقريبا.

 وبدا لنا أن نُمنح يوما هادئا فى العمل أمر صعب تقريبا فى ظل وجود هذه الصحبة المختلفة الأعمار و الثقافات، إلا أن فكري كان خاطئا ففي هذا اليوم تحديدا نعمنا جميعنا بهدوء خاص.. عندما زرنا احد المصانع المتخصصة فى صناعة " الباتيك" فما هو الباتيك ؟ و كيف حصلنا على ذلك الهدوء النفسي؟

إليكم القصة..


جاوه عموما معروفة بملابس من نوع باتيك أحد أشكال الإرث الثقافي الغير ملموس و الذى حرصت أندونيسيا على تسجيله ضمن موسوعة اليونسكو للإرث الثقافي غير الملموس ،و فى جاوه الشرقية الخاصة هناك 1300 شكل من أشكال باتيك و هى محصورة فقط فى منطقة جاوه الشرقية ، إذا أراد أى أحد أن ينظر أو يشترى هذه المنتجات عليك فقط بالتوجه إلى "ديك رانسدا" ، و هى منطقة خاصة لعرض منتجات جاوه الشرقية . 

هناك ثلاثة طرق لصنع الباتيك ، الطريقة التقليدية و تسمى الكتابة اليديوية على الباتيك ( باتيك توليس) بالإندونيسية ، و هى الطريقة التى يقوم بعملها هؤلاء السيدات الذين زرناهم وهم يعملون داخل المصنع و نظرا لدقة وحساسية ما يقومون به، أوصتنا صاحبة المصنع أن نحافظ على هدوئنا أثناء الزيارة،و تجول مؤمن حول السيدات اللاتي لم يعرنه أي إهتمام و كأن الأمر يحدث كل يوم، و أستمررن بالعمل فى دقة و تركيز حيث يقمن بتحديد الرسومات بواسطة الشمع ، ثم إستخدام الفرشاة و الألوان لملء الفراغات ، و إعادة الرسم لمزج الألوان و ملء التفاصيل الصغيرة و هن يتقاضين أجرهن بالقطعة التى ينتجنها خلال اليوم و قد تتراوح أعداد القطع المنتجة يوميا ما بين خمس أو أربع قطع ، و تختلف رواتب السيدات بغختلاف درجة المهارة لكنها تتراوح فى العادة ما بين 100 – 300 ألف روبية ، و هو ما يعادل قيمته 10 إلى ثلاثين دولارا فى اليوم وفقا لأسعار سوق المال فى 2017م ، و النوع الثانى أو الطريقة الثانية لصنع الباتيك هى الختم ، و تسمى ( باتيك تشاب) حيث تحضر الأختام المصصمة خصيصا لصنع الباتيك و التى عادة ما تعبر عن كل محافظة من محافظات إندونيسيا بشكل منفصل ، و الطريقة الأخيرة هى الطباعة العادية و التى قد تدخل فيها الميكنة و تستخدم فى المصانع الكبرى . حينها أدركت أني إشتريت لإبني قميصا يحمل رسومات الباتيك الإندونيسية التقليدية ، إضافة إلى قميص أخر يحمل تطريزا خاصا.

كان المصنع مصمما بحيث يكون هناك حجرة للعرض والبيع ، و مكان أخر حيث تجلس السيدات ليعملن بشكل منفصل لكنه على مرأى من حجرة العرض، و من الإستراحة الموجودة بأناقة خارج حجرة العرض، و فى هذه الإستراحة هناك تصميم بديع من الزرع و نباتات الزينة و الزهور المختلفة، حتى أن الزائر ليود أن يقضي معظم وقته هناك فى حالة من الإسترخاء مع الهدوء المطلوب فى المكان، و كانت المعروضات داخل الحجرة أكثر من أنيقة و رائعة ، لكني لم أكن قد أحضرت ما يكفي لإقتناء واحدة منها، عوضا عن أني كنت أود شراء أكبر كمية من الهدايا الممكنة لأولادي فهذه المرة غبت عنهم عشرة أيام ستمتد إلى 12 يوما بالسفر، و كان من عادتي أن أقوم بطهي طعام يكفي لهذه المدة و تركه فى المجمد ليتم تسخينه عند الحاجة، لكني كنت أعلم أنهم لن يتناولوا سوى القليل منه لأني غير موجودة معهم، كما أن إختلاف مواعيد الليل و النهار بين توقيت إندونيسيا و مصر كان سببا فى قلة مكالماتنا إلا فى أوقات محدودة و التى غالبا ما تكون قبل خلودهم للنوم، أو عند ذهابهم للمدرسة صباحا، فكانت هذه الإستراحة الجميلة لدى مصنع الباتيك متنفسا كبيرا لكل هذه الأفكار بداخلي، لذا ذهبت أمنياتي فى إقتناء شيء من الملابس الأنيقة رويدا رويدا ، و تلاشت رغبتي تلك فى مقابل رغبتي فى رؤية أولادي من جديد. الأمر الذى أعلم تماما أنه قد يسبب غضب سيدات كثيرات مني من باب أن المرأة عليها أن تحب نفسها وهو أمر صحيح لا جدال فيه.. لكن هكذا تم معالجة الأمر فى ذلك الوقت.

كان الغذاء فى مطعم العرائس، بمعنى أنه مطعم يضم متحفا لعرائس تقليدية إندونيسية بعضها إستخدم فى مسارح الظل ، و الأخر كان يتم تحريكه خلف ستار على المسرح، و فى هذا المطعم تعرفت على المقرمشات الإندونيسية العجيبة، فلديهم رقائق المانجو، و رقائق التفاح و الموز مقرمشة و مقلية تماما مثل رققائق البطاطس و الذرة لدينا هههههه، وبطعمها العجيب و الغريب أخذت أشتري كميات حتى يتذوقها أولادي عند عودتي إليهم ، و كان النوع المفضل لدي هو رقائق المانجو... لاذعة و حلوة !!

ذهبنا بعد ذلك إلى مسجد محمد، هذا المسجد بناه الصينيون المسلمون الذين حضروا إلى سورابايا ضمن الأساطيل الصينية الغازية، و بعضهم أستقروا هناك، و كان هذا المسجد ضمن أحد المساجد التى تم تأسيسها فى إندونيسيا، و يحمل لافتة صينية مترجمة إلى الإندونيسية و الإنجليزية تحكي تاريخه. و سرعان ما إنتهينا من تصوير المسجد،و كان يحوي مجموعة من المراكب و التماثيل التى تجسد تلك الأحداث التاريخية.

كان من المقرر أن نسافر من سورابايا فى الغد لنعود مرة أخرى إلى جاكرتا ، إستعدادا للرحيل و العودة لمصر، و كان قد تبقى لنا بعض الأماكن لم نقم بتصويرها فى جاكرتا عند عودتنا، لكن أروم إصطحبتنا إلى مصنع للحقائب الحريمي و الرجالي و الأطفالي و حقائب المدارس، و مركز كبير لبيع منتجات الباتيك فى كل صورة تتخيل أن تراها فيها، سواء كان حقيبة أو منشفة أو أدوات منزلية أو حتى ملابس، و بالطبع أمضينا وقتا فى التسوق هناك، و كان إلى جوار ذلك المركز حجرة للكاريوكي، قام مصطفى بالطبع بالتوجه إليها ليؤدي فقرة غنائية مصرية على أنغام إندونيسية و نجح ذلك الشهير الشاب فى جذب الجمهور مجددا، فى حقيقة الأمر أشعر بأن مصطفى لديه إمكانيات الشهرة بسهولة كما أن لديه إمكانيات النجاح كذلك. و كانت هذه اللقطة الأخيرة لنا فى سورابايا قبل أن نتوجه إلى جاكرتا .

اليوم التاسع العودة لجاكرتا وبيت القرآن

قبل أن أعود بكم إلى جاكرتا سأترك سورابايا بمعلومة إضافية، فهي مدينة لا تنام، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بإمكانك العثور على المحلات مفتوحة طوال الوقت، هي مدينة كبيرة جدا، أضواءها براقة و ليست مزدحمة مثل جاكرتا العاصمة، و تشبه فى إنفتاحها مدينة شنغهاي الصينية ، كما أن بها العديد من الخدمات و الفرص، و بشكل عام يمكنني أن ألخص أنه لو قارنا بين بالى و جاوه الشرقية ، فإن جاوه الشرقية تشكل حوالى 30 ضعف مساحة بالى  و أن مساحة مدينة سورابايا عاصمة محافظة جاوه الشرقية تعادل مساحة بالى ، و تسعى الوزارة حاليا إلى صنع عشرة بالى جديدة كمقاصد سياحية جديدة ،  مثل ؛ بحيرة طوبا. اما عن السبب الرئيسى لماذا السياحة الدولية فى إندونيسيا تذهب إلى بالى؟ ،،  فأعتقد أن الإجابة تكمن فى النقاط التالية: أولا الميزة الأولى أن بالى إشتهرت منذ زمن بعد الإستقلال مباشرة على يد سوكارنو ، و ثانيا من ضمن إعلان شهرة بالى فى العالم أنها جزيرة الألهة ( بولاو درواتا ) جزيرة الألهة لأن الهندوس سكنت جزيرة بالى و بالتالى هناك الجبل الأعظم ، و ثالثا ؛ أن الترويج للجزيرة بالى بأسبقيتها فى كونها مقصد سياحى عالمى و بالتالى عندها إستعداد و خدمات و تجهيزات و مواصلات للسياح عن مناطق أخرى ، بمعنى أن أى مجالات أخرى فى جزيرة بالى مرتبطة بالسياحة ، فمثلا هناك زراعة و لكنها بغرض خدمة السياحة و الترويج لها ، فلن تجد هناك مثلا مثلا حدائق الرز من اجل إنتاج الرز و لكن تجدها موظفة كمدرجات جميلة لجذب السياح ، الصناعة اليديوية منتشرة و لكن من أجل السياحة و الخدمة عليها .

 


ا

مع إن جاوه الشرقية تضم مقاصد سياحية أكثر من بالى فهناك 784 مقصد سياحى فى جاوه الشرقية ، و حوالى 54 مليون نسمة ، لكن سكان جاوه الشرقية 38 مليون ، و يزيد عليهم هذا العدد للسياح أى أن السياح وحدهم 54 مليون سائح سنويا.هناك اشياء كثيرة موجودة فى جاوه الشرقية ، فى منطقة تاجيرى على سبيل المثال هناك كنيسة قديمة  تدعى "بوسارانج" ، فى داخل الكنيسة تمثال السيدة مريم الباكية إذا ما عرفت هذه المعلومة ستشكل نوعا من الجذب السياحى  الديني ، و هناك منطقة أخرى ويقال أن سياح بالى يقومون بركوب الأمواج  هناك ،  لكن فى واقع الأمر هم يركبون الأمواج فى منطقة تابعة لمحافظة جاوه الشرقية و ليست فى بالى ،  حيث يركبون من شط جيلان ، و هى منطقة سياحية تابعة لجاوه الشرقية ، و أيضا  يقال أن الأمواج الأكثر علوا و تشويقا لراكبى الأمواج موجودة فى منطقة أجمل تسمى (واتو كارون) و هى منطقة خاصة بركوب الأمواج ، وذلك بشهادة  حكم أمريكى شهير متخصص فى ركوب الأمواج . و الخلاصة هي أنك لو أردت أن تتجول فى المقاصد السياحية فى جاوه الشرقية فأن أسبوعا واحد لا يكفى ، فعلى سبيل المثال فى منطقة فى جزيرة مادورا ، إسمها جيليانج ، هناك البحوث السياحية حول طول عمر سكان هذه الجزيرة ، فمعظم السكان معمرين فوق المئة و المئة و عشرين ، بسبب أن الجو و الأكسجين أحسن و أفضل من اى مكان أخرفى العالم .و هى بالتالى الثانية بعد الأردن فى أنقى هواء فى العالم .

 ومما لاحظته أن وزارة السياحة فى جاوه الشرقية تستخدم و توظف كافة وسائل التواصل الإجتماعى للترويج للسياحة كأحد موارد الدخل القومى بالمحافظة و ذلك بأستخدام الأنستجرام ، اليوتيوب ، الأنترنت ، الموقع الأصلى ، و تخصص حوالى 7 مليارات روبية سنويا كميزانية لدعم السياحة فى جاوه الشرقية ،  ما يعادل قيمته حوالى خمسمئة ألف دولار سنويا ، و الميزانية يتم تحديدها  حسب النشاطات الترويجية السياحية المطلوبة ، و سنويا يقومون بمهرجان أو ملتقى لمكاتب السياحة فى العالم  لتتاح فرصة مشاركة أكتر من 15 دولة فى المهرجان السياحى لجاوه الشرقية ، و تحدد الوزارة الهدف المرجو تحقيقه لتنشيط السياحة فى كل عام ففى سنة 2019 سيكون الهدف هو أن يبلغ عدد السياح فى جاوه الشرقية حوالى مليون سائح يزورون جاوه الشرقية / حيث تبلغ مقدار السياحة الخارجية فى 2017م حوالى 618 ألف سائح .

ومرة أخرى أرتاد الطيران الداخلي ، هذه المرة حقيبتي معي ، ولازلت أنتبه لتكدس أعداد الطيران الداخلي إلى درجة إصطفاف الطائرات فى مدرج الإقلاع كأنهم طابور الصباح فى المدرسة النظامية، ثم ما تلبث كل طائرة فى السير قليلا لتقلع و تليها الطائرة التى خلفها و هكذا دواليك.. هذا المشهد سأفتقده كثيرا بكل ما يحمل من فضول داخلي حول تفاصيل كل راكب ووجهته، و لماذا سافر و ما هي أسعار تذاكر رحلات الطيران الداخلي ، و كيف نحصل على نفس هذا التكدس فى الطيران الداخلي فى مصر؟؟؟!!

عدنا إلى نفس الفندق فى جاكرتا، كان هذا جيد جدا بالنسبة لي فالأن بعد عدة أيام أمضيتها فى إندونيسيا أصبحت لدي خبرة جيدة فى الأطعمة و الحلويات ، بخلاف محبتي لحساء نثائر الدجاج ( العصيدة ربما الترجمة الفعلية للحساء)، و حصلت على نفس الغرفة فى الفندق، ما هي إلا دقائق ننفض فيها غبار السفر لننطلق إلى بيت القرآن حيث سنقوم بتصوير أكبر و أضخم نسخة من المصحف الشريف تمت كتابتها بخط اليد فى إندونيسيا.

ومع الرحلة عرض علينا السيد إروان، أن يكون الغذاء إختياريا مفتوحا، فأخترت مثل مؤمن أن نتنتاول أطعمة إندونيسية مشاركة منا لإروان، و كنت أشعر ببعض التعب ربما مع إختلاف الجو، غير أني أشكر صحتي التى تحملتني مع كل هذه السفريات ههههههه ( مجرد حديث أحاول إقناع جسمي و مناعتي به لكيلا أصاب بالبرد فى إندونيسيا).

و يبدو أن التعب بدا واضحا علي وجههي كعادتي دوما، فنصحني السيد إروان بإستخدام دهانات الكافور الإندونيسية و هي مكونة من عدة انواع و قيمتها حوالي عشرة دولارات للقنينة الواحدة ، و كان لها مفعول سحري على حيويتي لذا قمت بشراء عدد كبير منها، كما أنه نصحني بشرب عصير جوز الهند من ثمرة جوز الهند الطازجة و تناول اللب الطري ، ذو المذاق اللذيذ ، وشرب حساء النودلز بكرات اللحم ، فى واقع الأمر كان شراب جوز الهند كافيا و مغذيا بالنسبة لي ، لذا تناولت الحساء لاحقا، غير أني كنت ممتنة جدا لهذه الصيدلية الطبيعية ، و بدأت أتحسن كثيرا.

يوجد بيت القرأن و متحف الإستقلال كوحدة واحدة فى جاكرتا، و إلى جوارهم الحديقة المصغرة، و التى زرناها فى أخر يوم لنا قبيل توجهنا للمطار.

 فى بيت القرآن هناك أيضا مصحف إليكتروني يمكنك تصفحه و الإستماع لتلاوة القرآن منه، كما يمكنك طباعة المصحف الشريف، كما يطبع به القرآن الكريم بطريقة برايل للمكفوفين، و فى متحف الإستقلال العديد من الأنشطة المصاحبة و الصور التذكارية والتى يمكنك الإستدلال منها و من الشروحات أسفلها حول تعاليم الإسلام، و القرآن. و يهدف بيت القرآن و متحف الإستقلال إلى توحيد الأمة الإندونيسية بعيدا عن الإختلافات الدينية و العرقية.

اليوم الأخير و قبل السفر بساعات  شاهد إندونيسيا المصغرة

 كنا قد ذهبنا إلى الفندق بعد إنتهاء جولتنا فى التصوير، للإستعداد لحزم حقائبنا ، و مراجعة المواد الفيلمية التى قمنا بتصويرها خلال تلك الفترة ، على الرغم من أن المراجعة كانت تتم يوميا لأننا كنا نقوم بنقل المواد المصورة من ذاكرة الكاميرا إلى ذاكرة الحاسوب ، لكننا كذلك أردنا التأكد بشكل أخير من كل شيء تم تصويره، حتى إذا ما وجدنا شيئا ما يستحق منا تعويضه قمنا بفعل ذلك أو تغضينا عنه فى حال صعوبة الأمر و البحث عن بديل له فى جاكرتا، و لحسن الحظ كان كل ما قمنا بتصويره موجودا و بشكل جيد ، و الصورة كان غنية تماما ، لذا شعرنا بإرتياح كبير، و بدأن نستعد للتصوير النهائي فى الغد ، حيث سنزور الحديقة المصغرة و التى كانت إلى جوار متحف الإستقلال و بيت القرآن ، لكن مساحتها كبيرة و تضم متاحف كثيرة إلى جانب أن وسيلة التنقل فى بعض من اماكن الحديقة يحتاج منا إلى أن نركب " التلفريك" و هو الأمر الذى كان سيتطلب منا وجود مساحة كافية فى ذاكرة التخزين فى الكاميرا حتى نلتقط الرحلة بأكملها ثم نقوم بتقطيعا وفق الرغبة فى المونتاج لاحقا، و بالفعل حملنا حقائبنا و إتجهنا فى الصباح الباكر إلى سيارتنا التى ستقلنا إلى الحديقة المصغرة و منها إلى المطار، و هنا بدأنا بتوديع حافظ و تقوى اللذان لازامانا خلال فترة تواجدنا فى جاكرتا و عودتنا إليها ،و كذلك توديع أروم ، حيث كانت هذه أخر مهمة لها فى القاهرة قبل أن تقوم بخدمة بلدها فى فيتنام فيما بعد ، و كذلك قمنا بالإتصال بالسيد حسين و السيد إدوارد، لنودعهما قبل أن  نعود إلى القاهرة مجددا..

https://www.instagram.com/p/Ba8KNKfA3HH/?utm_source=ig_web_copy_link

 



نموذج من الألات الموسيقية التقليدية الإندونيسية فى المتحف الملحق بالحديقة المصغرة 

 خلال هذه الأيام العشرة كان الأمر أشبه بالحلم بالنسبة لي.. و كان منحة ربانية .. حملت فيها بعضا من ثياب والدتي معي ، و حرصت على إرتداء بعضها ، خاصة و انا أزور برومو، فقد هيأت لي نفسي، و أنا أعلم أنه ليس حقيقيا بالمرة، أنها بهذه الطريقة ستكون معي و إلى جواري، فى حقيقة الأمر كنت احتاج المزيد من الوقت حتى أتناسى حزني ، و لكني إكتشفت أن العمل بكل أحداثه كان خير وسيلة لي كي أنشغل عن الحزن ، و بداخلي أدركت أنه مهما مر الزمن فهناك نوع من الحزن لم و لن تمحه الأوقات و الأزمنة سيظل يعيش بداخلنا، لكنه سيأخذ حجمه الطبيعي فقط، بمعنى أننا سنتعايش معه و يتعايش معنا، لن أنسى أمي و أبي ما حييت، و كذلك سأستمر فى الحياة و العمل معا. و إنطلقت بنا السيارة لتخرجني من هذه التأملات..

و إلى جنوب شرق جاكرتا و تحديدا فى الطريق المؤدى إلى بونشاك ، بإمكانك ان تزور إندونيسيا بأرخبيلها البالغ 17 ألف جزيرة من مكان و احد فقط ، إنه الحديقة الإندونيسية المصغرة ، و التى تضم كل جزر و مقاطعات إندونيسيا بشكل مصغربأهم معالمها الثقافية و التراثية ، ملابسها ، أكلاتها ، و أهم مميزاتها ، مع متعة ركوب (التلفريك ) أو المصعد الكهربائى الطواف ، الذى ينقلك عبر مختلف أنحاء الحديقة فى رحلة تستغرق قرابة الساعة من خلال جزئين منفصلين من المصاعد الكهربية تغطى الشرق و الغرب من اجزاء الحديقة ، و تمر من خلاله عبر بحيرة صناعية تم تزيينها بجزر خضراء مزروعة تشبة خريطة إندونيسيا كما تراها من الجو ، و لكل جزيرة من جزرها معلما خاصا ، فمثلا تتميز جزر بابوا بالجبال لذا تغطيها الثلوج ، و هكذا ترى الجبال العالية أعلى المساحة الخضراء التى تأخذ شكل جزيرة بابوا ، و نشاهد جزر سومطرة ، كومودو حيث موطن التنين الحقيقى ، جاوه حيث العاصمة ، بالى حيث وجهة السياحة الأشهر فى العالم ، مادورا ، كالمينتان، و غيرها من الجزر . تأتى فكرة إنشاء الحديقة المصغرة إلى زوجة الرئيس الإندونيسى الأسبق سوهارتو حيث بدأ إنشاءها فى عام 1971م  ، و إفتتحت رسميا فى 20 أبريل عام 1975م  كانت مقاطعات إندونيسيا وقت إنشاء الحديقة حوالى 26 مقاطعة هى الموجودة بالحديقة ، غير أن عدد المقاطعات زاد مع مرور الزمن ليصل إلى 34 – 36 مقاطعة إندونيسية على وجه التقريب ، و تشمل الحديقة المصغرة حوالى 11 حديقة ذات تنوع حيوى مختلف منها حديقة الطيور و المياه العذبة ، كما تضم 15 متحفا  منها متحف النقل ، و متحف  إندونيسيا ، و متحف كومودو ، و متحف الطوابع و متحف النفط و الغاز  و غيرها من المعالم الجميلة والمختلفة . ربما قد لا يتسع الوقت للتجول حول إندونيسيا لكن يوما واحدا يكفى الزوار للتجول داخل حديقة إندونيسيا المصغرة ، بانشطتها الترفيهية و منازلها التقليدية من كل محافظات و مقاطعات إندونيسيا ، كما تحتوى على سلاسل المطاعم التقليدية و الغربية و العالمية إضافة إلى محلات التسوق و الترفيه والألعاب المختلفة ، إنه مكان يصلح للعائلة الإندونيسية و لعائلات العالم أجمع ، ينقل إليك طابع إندونيسيا و إزدحام جاكرتا و حيوية الناس بوجههم الضاحكة دوما، و لا تنسى حرص الأزواج الإندونيسيين على الخروج و التنزه مع زوجاتهم و أسرهم من وقت لأخر.

https://www.instagram.com/p/Ba8J2_ug7Sb/?utm_source=ig_web_copy_link

 فى المطار تناولنا الوجبة الجماعية الأخيرة بين كل من كان معنا ، ربما لن أقابل مصطفى و مريم مرة أخرى بسبب إنشغالنا فى أعمالنا و إختلاف المواعيد، لكن حتما كانت هذه الفترة واحدة من أجمل الفترات الت قضيتها مع هؤلاء الشباب، و لن أنسى حافظ  و تقوى و كأنهم بمثابة أولادي ، فقد تعاملوا معي بكل الحب و الود و الخصوصية، و فى الواقع لا زالوا يراسلونني حتى اليوم و علمت أن تقوى قد تزوج و ارسل لي العديد من المعايدات فى المناسبات المختلفة .

هناك مودة ما وتألف بين المصريين و الإندونيسيين، لا أدري فى حقيقة الأمر ما سببها ، ربما تكون خفة الدم المشتركة بيننا !؟؟ لا أدري .. لكن عشرة أيام لم تكن كافية أبدا لكي أتعرف على 17 ألف أرخبيل فى إندونيسيا.

 تمت

تعليقات

المشاركات الشائعة